الجمعة، 31 ديسمبر 2010

كيفية كتابة مذكرة دفاع متهم في قضية من مرتبة الجنح



1- في بادي الامر يجب جمع المعلومات  القانونية  وعن وقائع القضية

2- كتابة الوصف والقيد للقضية :

فيجب عليك كمحامي- دفاع- المتهم أولا أحضار الوصف والقيد للقضية -وهو أن المتهم في يوم كذا .... قام بارتكاب كذا... -وهذا الوصف يمكن الاطلاع عليه بعد الحصول علي رقم القضية من المتهم  و يكون في جدول القضايا في المحكمة المختصة ، وايضا الوصف والقيد يكون موجود في أول ورقة في القضية  ( يسمي كفر القضية ) وكذلك مواد الاتهام  .

3- بعد ذلك كتابة النص القانوني لمواد الاتهام من كود القانون  ( وهو الكتيب الذي يحتوي نصوص القانون فقط دون شرح ) .

4- قرأة القضية وتلخيص وقائعها .

5- قرأة شروح القانون المرتبطة بالقانون وبالقضية لتحديد ثغراتها .

ويكون ذلك في كتب فقهاء القانون  وأحكام محكمة النقض .

6- بعد ذلك نقوم بتحديد الدفوع القانونية للقضية .
   
 ومن الدفوع التي يمكن أخذها كمثا ل.
- عدم تجريم الفعل المنسوب للمتهم إرتكابه  .
-عدم إقراف المتهم للسلوك الإجرامي .
- بطلان محضر الضبط  .
- إنقضاء الدعوي الجنائية بمضي المده .
وسنتحدث بإذن الله عن الدفوع بشئ من التفصيل في مقال مستقل .

7- تحيد طلباتنا في القضية :
مثلا : ندب خبير في الدعوي .
سماع شهود النفي .
إعلان المجني عليه بتقديم أصل إيصال الامانه بعد دحض الصوره الضوئية المقدمة في القضية .
طلب البراءه

8 - بعد ذلك نقوم بدمج الدفوع بالوقائع بشروح فقهاء القانون بأحكام محكمة النقض بالطلبات  وتلك هي مذكرة الدفاع .

9- ولا ننسا توقيع المذكرة.

وسنقدم إن شاء الله في مقالات  أخري نماذج لمذكرات دفاع متهمين في قضايا جنح . 


الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

دعاء المساء

دعاء المساء 
اللهم أني أمسيت بك بنعمة وعافية وستر اللهم أتم علي نعمتك وعافيتك وسترك 

تعلم كتابة بحث قانوني

لكي نقوم بكتابة بحث في القانون لابد اتباع  بعض الخطوات الاتية :-
1- تحديد المادة القانونية التي ترغب كتابة بحث فيها      وليكن     " القانون الدولي"    ثم 
2- البحث في إمهات الكتب عن موضوع  ليتم البحث فيه يكون به مشكله قانونيه أو  مثلا:  "حقوق الاقليات "    ثم 
3-كتابة خطه للبحث يشتمل علي الموضوعات الاساسية وجعلها في فصول والموضوعات الفرعية كمباحث    ثم
4 -  البحث عن مراجع وتحديد ما يتعلق بموضوع البحث         ثم
5-ثم قراءة المراجع لتحديد المحتوي الذي سيتم  كتابته داخل البحث وذلك بأي قلم مثلا قلم رصاص بعد ذلك ثم البدء في كتابة المباحث مبحث مبحث من المراجع ثم 
6 - تجميع المباحث    ثم  
7- كتابة المقدمة والاهداء والخاتمة والمراجع ثم كتابة البحث مجمع كالنحو الاتي


بحث بعنوان 
حقوق الاقليات

     جامعة ....
     كلية الحقوق
دبلوم القانون العام
    
بحث في
حـقـوق الأقـليــات
تحت إشراف
الأستاذ الدكتور                                                              الاستاذ الدكتور    


 مشرف على قاعة البحث                                      مشرف على البحث
أستاذ القانون الدولي العام                                أستاذ القانون الدولي العام



إعداد الباحث







بسم الله الرحمن الرحيم



{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا
يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ
إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ
عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }

                                     سورة النحل الآية 103



إهـــداء

  أهدى هذا الجهد المتواضع إلى :

* أساتذتي ...
* وزملائي ....
* بكلية الحقوق ، جامعة
* الذين تعلمت منهم الكثير .....
* ومازلت أتعلم منهم حتى الآن


المقدمة :
من موضوعات حقوق الإنسان تتمتع دراسة حقوق الأقليات بمكانة خاصة ؛ وذلك للارتباط الوثيق بين احترام حقوق الأقليات والاستقرار الدولي . فالأحداث الجارية تشهد وقوع اضطرابات وعدم استقرار في بعض الدول بسبب وجود صراع بين الأقليات والأغلبيات . وغالباً ما لا يتوقف هذا الصراع عند حدود الدولة التي يوجد بها خلاف بين الأقلية والأغلبية ، بل يمتد ليشمل أكثر من دولة .
وإذا كان الأصل أن تهتم الدولة بتنظيم العلاقة بين الأغلبية والأقلية فيها ، إلا أن الدول في تنظيمها لهذه العلاقة قد تغفل عن عمد أو عن حسن نية الخصوصية الذاتية لأقلياتها الأمر الذي يضر أشد الضرر بحقوق هذه الأقليات ، كما أن التاريخ نفسه يشهد بوقوع حالات كثيرة ضاقت بها الحكومات بأقلياتها فهضمت حقوقها ، بل ومارست ضدها أحياناً سياسات ترمي إلى انفائها سواء على المدى القريب أو البعيد . ومن هنا اتجهت الأقليات صوب القانون الدولي طالبة منه الحماية من جور حكوماتها فنشأت بذلك الحماية الدولية لحقوق الأقليات([1]) .

أهمية دراسة حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي العام :
يهدف القانون الدولي العام من تنظيمه للعلاقة بين الأقلية والأغلبية إلى توفير أكبر مناخ من الاستقرار في الدول ، وإلى تحقيق السلم والأمن الدوليين على مستوي العالم بأسره ، ومن هنا تأتي أهمية دراسة موضوع حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي ، إذا تهدف هذه الدراسة إلى وضع تصور واضح لكيفية تنظيم حقوق الأقليات في ظل القانون الدولي تستطيع الدول أن ترجع إليه عند حدوث خلافات بين مواطنيها ، وبذلك يتحقق هدف القانون الدولي من هذه الحماية بإيجار الحلول السلمية للخلافات بين الأقلية والأغلبية([2]) .



تعريف الأقليات :
على الرغم من صعوبة وضع تعريف للأقليات إلا أن هذا التعريف هو أمر ضروري وهام لحماية حقوق الأقليات ، فتعريف الأقلية هو المقدمة المنطقية والضرورية لإضفاء الحماية عليها([3]) .

تعريف مصطلح الأقلية

وتتعدد التعريفات لمصطلح الأقلية باختلاف الجانب الذي ينظر منه الباحث للأقلية.
فمن الناحية الاجتماعية : تعريف الأقلية بأنها " جماعة من الناس تختلف عن الآخرين في مجتمع ما من حيث العرق أو القومية أو الدين أو اللغة ، وتري هذه الجماعة نفسها كجماعة متميزة ، علاوة على ذلك ، هذه الجماعة بعيدة عن السلطة ، ومن ثم تكون عرضه لبعض الاستبعاد ، والتمييز ، والمعاملة المختلفة"([4]).
ومن الناحية السياسية : تعرف الأقلية بأنها " جماعة تشترك في واحد أو أكثر من المقومات الثقافية أو الطبيعية أو عدد من المصالح التي تكرسها تنظيمات وأنماط خاصة للتفاعل وينشأ لدي أفرادها وعي بتمايزهم في مواجهة الآخرين نتيجة التمييز السياسي والاجتماعي – الاقتصادي ضدهم مما يؤكد تضامنهم ويدعمه"([5]).
ومن الناحية القانونية : نجد أن لفظ الأقلية ورد في عدد من المعاهدات والإعلانات الدولية ولكن لم يعرف أغلبها مصطلح الأقلية ويرجع ذلك إلى صعوبة وضع تعريف جامع مانع لمصطلح الأقلية([6]) .




تصنيف الأقليات([7]) :
يمكن تصنيف الأقليات من حيث خصائصها إلى الآتي :
(1) الأقلية الدينية ( Religious Minority ) : وهي جماعة سكانية ترتكز هويتها أساساً على معتقدات دينية تختلف عن دين الأغلبية أو تختلف عن دين الدولة الرسمي .
(2) الأقلية اللغوية ( Linguistic Minority ) : وهي جماعة سكانية تتحدد هويتها على أساس استخدامها للغتها الأصلية والتي تختلف عن لغة الأغلبية أو تختلف عن اللغة الرسمية في الدولة .
(3) الأقلية العرقية أو العنصرية ( Racial Minority ) : وهي مجموعة سكانية تختلف عن بقية السكان على أساس صفات بيولوجية ؛ كلون البشرة أو لون العينين والشعر أو طول القامة .
ويطلق عليها الآن الأقلية الاثنية ( Ethnic Minority ) :وهي جماعة لها ثقافتها وتاريخها الخاص وتكون مدركة لكونها جماعة متميزة في المجتمع ، وتحافظ على أعرافها وعاداتها والتي تختلف عن أعراف وعادات الأغلبية ، وفي الوقت نفسه يخلص أعضاء هذه الجماعة لعاداتهم وأعرافهم لأنها جزء من هويتهم ، ويتضامنون لدعم ذاتيتهم الخاصة بهم .
(4) الأقلية القومية ( National Minority ) : هي جماعة إثنية – تقيم في إقليم معين – داخل الدولة وترغب في المشاركة في سياسة صنع القرار في هذا الإقليم .
أهمية التقسيم :
تظهر أهمية هذا التقسيم في نوع المطالب التي تنادي بها كل أقلية ؛ فعلى سبيل المثال تتركز مطالب الأقلية اللغوية في حقها في استعمال لغتها في الحياة الخاصة والعامة ، وكذلك في وجود مدارس خاصة بها ، بخلاف الأقلية الدينية التي تتركز مطالبها حول حقها في إظهار دينها وممارسته بحرية ، والدعوة إليه([8]) .
ظهور مشكلة الأقليات :
ولقد ظهرت مشكلة الأقليات في أوروبا أول الأمر في القرن السادس عشر عندما ظهر الإصلاح الديني ، فكثرت طوائف البروتستانت في عدة أقطار أوروبية وشعر الجميع بضرورة حماية الأقليات الدينية من كل ما يمكن أن يلحقها من إجراءات تتخذها حكومة الأغلبية ، ثم اتخذت المشكلة طابعاً جديداً في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولي ، وذلك عندما ظهرت دول جديدة على أنقاض الإمبراطوريات النمساوية والروسية والعثمانية ، فأثيرت مشكلة حماية هذه الأقليات الجنسية واللغوية ، فأقامت العصبة نظاماً يهدف إلى التأكد من حماية حقوق هذه الجماعات فشجعت العصبة إبرام الاتفاقيات بشأن حقوق الأقليات ، كما أنها اشترطت في بعض الأحيان أن تعلن بعض الدول عن مبدأ حماية حقوق الأقليات قبل أن تقبل عضواً في العصبة وهذا ما حدث بالنسبة لألبانيا ودول البلطيق([9]) .
ومن ثم يمكن القول أن الحماية الدولية لحقوق الأقليات مرت بثلاث فترات زمنية، وكان لكل فترة فلسفة ومفهوم متميز عن الفترة الأخرى ؛ وهذه الفترات الثلاث هي :
( أ ) حماية حقوق الأقليات قبل الحرب العالمية الأولي ، وتبدأ هذه المرحلة مع نشأة مفهوم الحماية الدولية لحقوق الأقليات وتستمر حتى قيام الحرب العالمية الأولي .
(ب) حماية حقوق الأقليات في ظل عصبة الأمم ، وتتعرض هذه الفترة لحماية حقوق الأقليات في فترة ما بين الحربين العالميتين ( 1919 – 1939 ) ؛ وهي تلك الفترة التي عاصرت نشأت عصبة الأمم كأول منظمة عالمية .
(ج) حماية حقوق الأقليات بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث شهدت هذه الفترة نشأة منظمة الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية الإقليمية ، وتبدأ هذه الفترة مع نهاية الحرب العالمية الثانية (1945) وتستمر حتى الوقت الحاضر([10]) .

منهج البحث :
وعلى الرغم من أن حقوق الأقليات هي أحد الموضوعات الأساسية في حقوق الإنسان ؛ فالمعاهدات والمواثيق التي نصت على حقوق الإنسان نصت عليها بصفة عامة بحيث يستفيد منها جميع البشر ، وعلى ذلك فإن أفراد الأقليات تستفيد من هذه الحقوق وتتعلق بها ، إلا أننا لن نتعرض في هذا البحث إلا للنصوص القانونية التي لها أهمية خاصة بحقوق الأقليات([11]) .

مضمون حقوق الأقليات :
وبتحديد حقوق الأقليات تتحدد العلاقة بين الدولة وأقلياتها ، فينبغي على الدول أن تحترم حقوق الأقليات المعترف بها في القانون الدولي وألا تنتهكها ، وفي الوقت ذاته ينبغي على الأقليات أن تحترم وحدة الدولة وسيادتها الإقليمية ، وألا تتعدى في مطالبها أكثر من احترام هذه الحقوق([12]) .
ويمكن تقسيم حقوق الأقليات إلى قسمين :
القسم الأول : الحقوق العامة :
يتمتع أفراد الأقليات – كفاعدة عامة – بجميع الحقوق التي نصت عليها مواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان المختلفة ؛ فيتمتع أفراد الأقليات بالحقوق التالية :
الحق في الحياة ، الحق في الجنسية ، الحق في حماية الحياة الخاصة ، حرية الفكر والضمير والاعتقاد ، حرية الرأي والتعبير ، الحق في التجمع السلمي ، حق تكوين الجمعيات والأحزاب ، الحق في العدالة ، حق المشاركة في إدارة الحكم ، الحق في العمل ، حق تكوين النقابات ، الحق في الإضراب ، الحق في الضمان الاجتماعي ، الحق في التربية والتعليم ، الحق في الثقافة ، حظر التعذيب والمعاملة غير الإنسانية .
ويتمتع أفراد الأقليات بهذه الحقوق بصفتهم الفردية وليس بصفتهم الجماعية([13]) .
القسم الثاني : الحقوق الخاصة :
الحقوق الخاصة هي مجموعة من الحقوق تهدف إلى الحفاظ على الصفة الجماعية لأعضاء الأقلية ؛ وذلك عن طريق الحفاظ على وجود هوية الأقلية ، وتنمية الخصائص المميزة لها([14]) .

وتتضمن الحقوق الخاصة للأقليات :
أولاً : الحق في الوجود : ونعرض لها في الفصل الأول .
ثانياً : الحق في منع التمييز : ونعرض لها في الفصل الثاني .
ثالثاً : الحق في تحديد الهوية والحق في تقرير المصير : ونعرض لها في الفصل الثالث .


الفصل الأول
الحق في الوجود
يعني الحق في الوجود حق الأقلية في البقاء في المجتمع كجماعة متميزة ، وعدم ممارسة أية أعمال تهدف إلى إبادتها والقضاء عليها .
وتجد الأقليات حماية حقها في الوجود في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقب عليها (1948) ، فقد نصت هذه الاتفاقية على تجريم إبادة الجماعات الإنسانية ، وعلى ضرورة معاقبة مرتكبي هذه الجريمة([15]) .
ولذلك نعرض هذا الفصل في أربع مباحث :
-       في المبحث الأول نعرض به المقصود بالحق في الوجود .
-       ونعرض في المبحث الثاني لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها .
-       ونعرض في المبحث الثالث لأركان جريمة الإبادة الجماعية .
-       وفي المبحث الأخير نعرض للالتزامات القانونية طبقاً للاتفاقية .


المبحث الأول
المقصود بالحق في الوجود

ويقصد به الحق في وجود الأقلية كجماعة متميزة في المجتمع ، وعدم ممارسة أية أعمال تهدف إلى القضاء كلياً أو جزئياً على الأقلية ، ولقد تبلور هذا الحق منذ زمن بعيد ، إذ أن تعمد بعض الدول المتعصبة على إفناء أقلياتها ، وتعتبر اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (1948) التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وصدق عليها العديد من الدول حجر الزاوية في حماية حق الأقليات في الوجود([16]) .
ولقد نصت على هذا الحق المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن " لكل فرد الحق في الحياة .. " وتنص الفقرة الأولي من المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن " الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان ، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق ، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً " .
التمييز بين الحق في الحياة والحق في الوجود :
الأقلية – كجماعة تتمثل في مجموعة من الأفراد – تستفيد ولاشك من الحماية المقدمة للحق في الحياة ؛ فالقتل التعسفي لأفراد ينتمون للأقلية يؤثر – بطريقة غير مباشرة – على وجود الأقلية ، إلا أنه في الوقت نفسه فإن الموت الطبيعي أو التعسفي لأفراد ينتمون للأقلية لا يؤدى بالضرورة إلى فناء الأقلية وإن كان يؤثر على حجمها العددي .
والحق في الحياة هو حق فردي يعني أساساً بحماية الأفراد عن طريق منع التعدي الواقع على روح أي منهم ، إلا أن هذا الحق لا يمتد إلى حماية الجماعات بمنع التعدي الواقع عليها ، وإنما الحق الذي يضمن للجماعات البقاء في المجتمع وعدم ممارسة أية أعمال تهدف إلى إبادتها هو " الحق في الوجود "([17]) .
ولقد تمثلت البداية الأولي لاهتمام القانون الجنائي الدولي بحماية الجماعات في مبادئ نورمبرج . فبنهاية الحرب العالمية الثانية وكنتيجة للانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان التي وقعت أثناء الحرب ، اجتمعت أربع دول من الحلفاء
( الولايات المتحدة الأمريكية ، فرنسا ، بريطانيا ، الاتحاد السوفيتي ) في 8 أغسطس 1945 وصاغوا ميثاق المحكمة العسكرية الدولية لمحاكمة الأفراد الألمان الذين اقترفوا جرائم حرب ، حيث قرر الميثاق مجموعة من المبادئ تتعلق بمبدأ المسئولية الجنائية الفردية عن ارتكاب جرائم ضد السلم أو جرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية ، وقد صدقت الجمعية العامة للأمم المتحدة – فيما بعد – على هذه المبادئ([18]) .


المبحث الثاني
اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها


تمهيد :
إن مفهوم إبادة الجنس البشري وثيق الصلة بالمبادئ التي تم تطبيقها بعد الحرب العالمية الثانية بواسطة المحكمة العسكرية الدولية التي انعقدت في نورمبرج لمحاكمة مجرمي الحرب الألمان عن الجرائم التي ارتكبوها ضد السلام وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ، وفي مؤتمر مكافحة جريمة إبادة الجنس البشري سنة 1948 اتفقت الأطراف المتعاقدة وأكدت أن الأفعال التي ترمي إلى إبادة الجنس البشري ، سواء ارتكبت في وقت السلم أو في وقت الحرب ، تعد جريمة في نظر القانون الدولي وتعهدت جميع الأطراف باتخاذ التدابير لمنع ارتكابها والعقاب عليها([19]) .

تعريف جريمة الإبادة الجماعية([20]) :
المعني اللغوي لجريمة الإبادة الجماعية :
إن مصطلح إبادة الأجناس Genocide مشتق من الكلمة اليونانية Genus ومعناها " الجماعة " ومن الكلمة اللاتينية Caedera ومعناها يقتل ونتاجاً لذلك يعني المصطلح قتل أو تدمير الجماعة .

المعني القانوني لجريمة الإبادة الجماعية :
اتخذت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة بتاريخ 9 ديسمبر 1948 قراراً بالإجماع صادقت بموجبه على اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها .
وقد عرفت الجمعية العامة في القرار (96) بتاريخ 11 ديسمبر 1946 جريمة الإبادة الجماعية بأنها " إنكار حق الوجود لجماعات إنسانية بأكملها " .
ثم أتت اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها كي تحدد معني الجريمة وذلك في المادة الثانية من هذه الاتفاقية .
وهناك صور أخرى تدخل تحت طائلة العقاب باعتبارها من صور السلوك الإجرامي لجريمة إبادة الجنس . ونصت عليها المادة الثالثة من الاتفاقية وهي :
-       إبادة الجنس .
-       التآمر على ارتكاب جريمة إبادة الجنس .
-       التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة إبادة الجنس .
-       الشروع في ارتكاب جريمة إبادة الجنس .
-       الاشتراك في ارتكاب جريمة إبادة الجنس([21]) .

وإن كان عدم ذكر الأقليات صراحة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ، فإن الاتفاقية تشملهم باعتبارهم جماعة اثنية أو قومية أو عنصرية أو دينية نصت الاتفاقية على حظر جريمة الإبادة تجاههم([22]) .


المبحث الثالث
أركان جريمة الإبادة الجماعية


تتكون جريمة الإبادة الجماعية من ركن مادي وركن معنوي .

أولاً : الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية :
ولقد نصت المادة الثانية من اتفاقية 1948 على الأفعال التي تشكل جريمة الإبادة الجماعية وهي :
أ ) قتل أعضاء الجماعة .
ب) الاعتداء الجسيم على أفراد هذه الجماعة جسمانياً أو نفسياً .
ج) إخضاع الجماعة بصورة عمدية لظروف من شأنها القضاء عليهم بصفة كلية أو جزئية .
ء) اتخاذ وسائل من شأنها إعاقة التناسل داخل هذه الجماعة .
هـ) نقل الأطفال من جماعة إلى جماعة أخرى بصورة قسرية([23]) .
ويتمثل الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية في إتيان أحد الأفعال المكونة للسلوك أو أكثر ، وهذه الأفعال محددة على سبيل الحصر في تعريف جريمة الإبادة الجماعية في اتفاقية الإبادة الجماعية ، ولا يشترط لقيام هذه الجريمة أن يؤدى الفعل المرتكب إلى التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة فعلاً ، فيكفي أن تتوار النية الإجرامية عند مرتكب الفعل للحصول على هذه النتيجة([24]) .
فلكي تتحقق جريمة الإبادة الجماعية ، يجب ارتكاب أحد الأفعال الخمسة التي تم تعدادها ، وذلك وفق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة ، بقصد التدمير الكلي أو الجزئي ، لجماعة قومية أو اثنية أو عنصرية أو دينية([25]) .


الجماعات المستهدفة بالحماية في جريمة الإبادة الجماعية :
تنص المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية " تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية ، أو اثنية ، أو عنصرية ، أو دينية ، بصفتها هذه " .
إذ لكي يعد الفعل الإجرامي شكلاً من أشكال الإبادة الجماعية وفقاً للاتفاقية يجب أن يستهدف حق فرد أو عدد من الأفراد في الحياة ، ولم تكن هوية هؤلاء الأفراد الفردية وراء اختيارهم من قبل الجاني ، أو مرتكب جريمة الإبادة الجماعية ، ولكن كان استهدافهم أو بالأحرى اختيارهم لكونهم جماعة محددة ويرمي هذا الجاني إلى إزالة أو تدمير كل أو جزء هذه الجماعة ، وتأسيساً على ذلك تصبح الجماعة كلها لا الفرد فحسب ضحية هذا الفعل الإجرامي .

أولاً : الجماعية القومية :
تتكون الجماعة القومية من أشخاص ذوي أصل قومي مشترك .
ومن أمثلة الإبادة الجماعية لطائفة أو مجموعة قومية أعمال التهجير القسرية الجماعية التي قامت بها معظم الدول الأوربية خاصة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية للمواطنين الألمان ، الذين كانوا يعيشون في بولندا ، تشيكوسلوفاكيا السابقة ، المجر ، رومانيا ، الاتحاد السوفيتي السابق ، يوغوسلافيا السابقة ... الخ

ثانياً : الجماعة العنصرية :
تتأسس الجماعة العنصرية على السمات البدنية المتوازنة ، وغالباً ما تتحدد تلك الجماعة بذات العنصر أي الجنس الواحد بمنطقة جغرافية ، بغض النظر عن العوامل اللغوية أو الثقافية أو القومية أو الدينية([26]) .
ومن أبرز أمثلة الإبادة الجماعية لأسباب عنصرية ، ممارسات الإبادة للمستعمرين الأول للولايات المتحدة ضد السكان الأصليين للبلاد وهم الهنود الحمر والتي أسفرت عن قتل الملايين منذ القرن الثالث عشر حتى أصبح عددهم الآن يصل إلى مليون فرد يتركزون في عشر من الولايات المتحدة التي تشكل الولايات المتحدة الأمريكية .
ثالثاً : الجماعة الاثنية :
يمكن وصفها بإيجاز بأنها جماعة معينة يشارك أعضاؤها نفس اللغة والثقافة .
ومن أمثلة الإبادة الجماعية للأسباب اثنية : إبادة الهوتو للتوتس في روندا عام 1994 ، أيضاً الإبادة الصربية للبوسنيين في جمهورية البوسنه والهرسك منذ عام 1992 وحتى عام 1954 أثناء الحرب اليوغسلافية .

رابعاً : الجماعات الدينية :
وقد عرفت المحكمة الجنائية الدولية ، الجماعة الدينية أنها تلك التي تتميز بطقوس العبادة ، أو بجماعات الأشخاص الذين يشتركون في المعتقدات ذاتها .
ومن أمثلة الإبادة الجماعية للمجموعات الدينية ، ما اقترفته السلطات الإيرانية من ممارسات إبادية في منتصف الثمانينيات حين قتلت آلاف البهائيين .

ثانياً : الركن المعنوي :( النية في الإبادة الجماعية ):
النية في القضاء ، كلياً أو جزئياً ، على جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية تكون النية المحددة المطلوبة – والتي تكون العنصر المعنوي – لجريمة الإبادة الجماعية .
وبدون هذه النية فإن قتل أعضاء من الجماعة يمكن أن يكون قتلاً homicide ولكنه لا يشكل إبادة جماعية([27]) .
فجريمة الإبادة الجماعية تحدث حيث تكون النية هي القضاء على الأفراد لغير ما سبب سوى أنهم أعضاء في مجموعة محددة .
وبالتالي فإنه إذا قتل فرد واحد مع توافر هذا القصد تتحقق جريمة الإبادة الجماعية، في حين أن قتل ألف شخص دون هذا القصد ليس سوى جريمة قتل([28]) .
وإن كانت جريمة الإبادة الجماعية تتفق في طبيعتها مع الجرائم العمدية كافة ، بيد أنه يشترط فيها إلى جانب القصد العام ، القصد الخاص ، وهو تخفيف الإفناء للجماعة المستهدفة([29]) .

إثبات القصد :
ويمكن إثبات النية الإبادية للجريمة – كما قررتها محكمة روندا الدولية في قضية المتهمين Kayishe ma Ruzidana – بالنظر إلى أدلة عدة منها : الاستهداف المادي للجماعة أو ممتلكات هذه الجماعة ، واستخدام اللغة الازدرائية ضد أعضاء الجماعة المستهدفة ، والأسلحة المستخدمة ، ومدي الإصابات الحادثة ، والطريقة المنهجية للتخطيط والتنظيم للقتل وأيضاً عدد الضحايا من الجماعة([30]) .

ولقد ذكرت المحكمة الدولية ليوغسلافيا السابقة في قضية الصربي Karadic زعيم صرب البوسنه السابق ، والمتهم الصربي الجنرال Meladic قائد جيش حرب البوسنه السابق ، بأن النية المحددة لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية يمكن أن تستنتج من عدد معين من الوقائع مثل المذهب السياسي العام الذي ولد الأفعال التي يمكن أن يشملها التعريف الوارد في المادة الرابعة من النظام الأساسي للمحكمة ، وترتكب هذه الأفعال كجزء من نمط السلوك ذاته([31]) .


المبحث الرابع
الالتزامات القانونية طبقاً للاتفاقية


في الحادي عشر من ديسمبر 1946 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم (96) والذي جاء به أن " إبادة الجنس هي إنكار حق الوجود لجماعات بشرية بأكملها " .
وطلبت من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة العمل على إصدار التشريعات اللازمة لمنع هذه الجريمة والعقاب عليها ، والتوصية في ذات الوقت بوجوب وجود تنظيم دولي من أجل هذا الغرض .
وتم إعداد مشروع اتفاقية من قبل – المجلس الاقتصادي والاجتماعي – استجابتاً لقرار الجمعية العامة وتمت الموافقة عليها بالإجماع عند طرحها على أعضاء الأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1948([32]) .

التزامات الدول القانونية وفقاً لاتفاقية الإبادة الجماعية :

(1) تعهدت الدول بمعاقبة مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية :
فوفقاً لنص المادة الرابعة من الاتفاقية تتعهد الدول الأطراف بمعاقبة مرتكبي الإبادة الجماعية علاوة على الأشخاص الذين يرتكبون الأفعال التي عددتها المادة الثالثة ، دون اعتبار لما يشغله هؤلاء الأشخاص من وظائف ، سواء أكانوا من الحكام المسئولين دستورياً، أو من الموظفين العموميين ، أو من الأشخاص العاديين ، إذاً فلا اعتبار لهوية الشخص مرتكب الجريمة الواجب معاقبته([33]) .

(2) التزام الدول بسن تشريعات وطنية خاصة لتجريم أفعال الإبادة الجماعية :
فالمادة الخامسة من الاتفاقية تلزم الدول بسن التشريع الوطني بتجريم أفعال الإبادة، وذلك لضمان تطبيق الاتفاقية ، كما تلزم الدول بتحديد العقوبات الفعالة ، في حين تقرر الاتفاقية وفقاً للمادة الخامسة حرية كل دولة في تحديد الإجراءات التشريعية اللازمة ، وأيضاً العقاب على جريمة الإبادة الجماعية([34]) .
ولقد نصت المادة الخامسة من الاتفاقية على التزام يقع على عاتق الدول الأطراف – كل بحسب نظامها الدستوري – بإصدار التشريعات اللازمة لضمان تنفيذ نصوص الاتفاقية وبصفة خاصة النص على عقوبات فعالة توقع على من تثبت إدانتهم من الأشخاص بارتكاب جريمة إبادة الجنس أو أي من الأفعال الأخرى التي ورد ذكرها في المادة الثالثة([35]) .
وقد أوردت الاتفاقية مختلف الأفعال المعاقب عليها ، وهي الإبادة الجماعية ذاتها وكذلك الأفعال التي تقضي إليها مباشرة ؛ فتنص المادة الثالثة على المعاقبة على الأفعال التالية :
(1) الإبادة الجماعية .
(2) التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية .
(3) التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية .
(4) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية .
(5) الاشتراك في الإبادة الجماعية([36]) .
ولقد نصت المادة السادسة من الاتفاقية على التزام الدول الأطراف بإحالة " الأشخاص المتهمين بارتكاب جريمة إبادة الجنس أو أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في المادة الثالثة ، إلى المحاكم المختصة في الدولة التي ارتكب الفعل في إقليمها ، أو إلى محكمة جنائية دولية مختصة بنظره وذلك بالنسبة للدول الأطراف التي تقبل مثل هذا الاختصاص " .
والمستفاد من هذه المادة أن المحكمة المختصة بمحاكمة مرتكبي جريمة إبادة الجنس قد تكون المحكمة في المكان الذي وقعت فيه الجريمة وقد تكون محكمة دولية جنائية يتم إنشاؤها لهذا الغرض ، وعلى النحو الذي ترضيه كل الدول الأطراف ، أو مجموعة من تلك الدول تقبل اختصاص هذه المحكمة([37]) .
ويمكن اللجوء للأمم المتحدة وقد نصت المادة الثامنة من الاتفاقية على أنه " لأي من الأطراف المتعاقدة أن يطلب إلى أجهزة الأمم المتحدة المختصة أن تتخذ ، طبقاً لميثاق الأمم المتحدة ، ما تراه مناسباً من التدابير لمنع وقمع أفعال الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة "([38]) .
ولقد نصت المادة التاسعة من الاتفاقية على " اختصاص محكمة العدل الدولية فيما يثور من خلافات بين الدول الأطراف حول تطبيق أو تفسير أو تنفيذ أحكام الاتفاقية ، بما في ذلك مسئولية الدولة عن جريمة إبادة الجنس أو الأفعال المنوه عنها بالمادة الثالثة وذلك بناء على طلب أي طرف من أطراف الاتفاقية "([39]) .
ومن أهم ما نصت عليه هذه الاتفاقية هو معاقبة كل من يرتكب هذه الجريمة أو أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في الاتفاقية سواء كان الجاني من الحكام أو من الموظفين المسئولين في الدولة أو من الأفراد ، وبالتالي أصبحت الجريمة ليست فقط محل اهتمام وتدخل في اختصاص التشريعات الوطنية للدول فحسب ، وإنما ذات صبغة دولية . فإذا ارتكبتها أي حكومة من الحكومات داخل حدودها مع مواطنيها فلن يعد هذا أمراً داخلياً يخضع لسلطان الدولة ذاتها وتشريعاتها الوطنية ولكنه أمر دولي يدخل في اختصاص القانون الدولي وتشمله الحماية الدولية ، ولقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الاتفاقية في 9/12/1948 ودخلت حيز التنفيذ في 12/1/1951([40]) .
وتتمثل الحماية الدولية لضمان تنفيذ نصوص الاتفاقية في لجوء الأطراف إلى الهيئات المختصة التابعة للأمم المتحدة لكي تتخذ التدابير الملائمة ، وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة ، للوقاية من الأعمال التي تحرمها الاتفاقية أو العقاب عليها([41]).

تجريم الإبادة الجماعية وفقاًُ للقوانين المصرية :
لقد أبلغت الحكومة المصرية الأمين العام للأمم المتحدة ، أن مصر انضمت إلى الاتفاقية ، وأودعت انضمامها إلى الأمم المتحدة في 8 فبراير 1952 وفقاً للمرسوم رقم 100 الذي قرر مصادقة مصر على الاتفاقية صدر في 8 يونيه 1952 وأعلن في الجريدة الرسمية في مصر " الوقائع المصرية " بتاريخ 3 يوليو 1952 .
ولقد اعتبرت الحكومة المصرية أن دستورها وقوانينها العقابية كافية لضمان تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية وبالتالي لم تقم الحكومة المصرية بإصدار قوانين خاصة بتلك الجريمة([42]) .

ولكن تم توجيه الانتقاد للاتفاقية ومن ضمن تلك الانتقادات التي وجهت للاتفاقية عدم تحديد العقوبة الواجبة التطبيق ، باعتبار أن ذلك ينطوي على قصور معيب، وأنه كان من الأوفق أن تنحو الاتفاقية منحي لائحة نورمبرج عندما نصت في المادة (27) على توقيع عقوبة الإعدام أو أي عقوبة أخرى تراها المحكمة المختصة مناسبة بدل أن تتحرك مهمة تحديد العقوبة لسلطة المشرع الداخلي للدول الأعضاء مما قد يؤدى إلى اختلاف العقوبة من دولة إلى أخرى تبعاً للفلسفة العقابية التي تنتهجها كل دولة([43]) .


الفصل الثاني
الحق في منع التمييز العنصري

تعتبر جريمة التفرقة العنصرية إحدى الجرائم الدولية الموجهة ضد حقوق الإنسان وقد جاء هذا التجريم تدعيماً للجهود الدولية المبذولة في مجال احترام حقوق الإنسان والعمل على تأثيم انتهاكات هذه الحقوق .
ومن الدلائل على مدي الاهتمام الدولي بتجريم " التفرقة العنصرية فقد صدرت العديد من الاتفاقيات والإعلانات الدولية التي صدرت لمحاربة هذه الجريمة "([44]) .
لذلك سوف نعرض لهذا الفصل في مباحث أربعة كالآتي :
-       المبحث الأول : منع التمييز في القانون الدولي .
-       المبحث الثاني : اتفاقية اليونسكو لمنع التمييز في مجال التعليم .
-       المبحث الثالث : الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري .
-       المبحث الرابع : العمل التشجيعي .



المبحث الأول
منع التمييز في القانون الدولي

المقصود بالتمييز :
فالمعني اللغوي لكلمة التمييز يعني المفارقة بين الأشياء حتى يتضح معالمها فتظهر أوجه الشبه والاختلاف بينها .
أما المعني الاصطلاحي لكلمة التمييز وهو المتداول – خاصة في كتابات القانون الدولي – يعني أية معاملة غير مبررة لفرد أو جماعة([45]) .
ولقد كان القانون الدولي التقليدي يعتبر موضوع حقوق الإنسان من المسائل الداخلية التي لا يجوز إثارتها على المستوي الدولي ولكن بدأت اهتمامات النظام القانوني الدولي ليشمل الفرد بالرعاية والحماية ، لا بوصفه شخصاً من أشخاصه ، ولكن باعتباره موضوعاً من موضوعاته .. وقد جاءت بداية هذه الانطلاقة قبل الحرب العالمية الأولي ، عندما تمكنت الدول الأوروبية الغربية من إبرام مجموعة من المعاهدات لحماية الأقليات الدينية والعنصرية واللغوية للمتوطنين في بعض الدول ، وعلى الأخص في الدول العثمانية .. وكان الهدف من تلك المعاهدات الالتزام بتطبيق العدالة والمساواة في معاملة هؤلاء الأقليات([46]) .
وقد ظل مبدأ عدم التمييز مفهوماً ضعيفاً – كمبدأ عام في القانون الدولي – حتى وضع ميثاق الأمم المتحدة ؛ حيث أنه نتيجة للاعتداءات الجسيمة على حقوق الإنسان – أثناء الحرب العالمية الثانية – سعت الدول للنص على مبدأ عدم التمييز في الميثاق ، ثم نص على المبدأ نفسه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، واتفاقيتي حقوق الإنسان([47]) .



أولاً : النص على منع التمييز في ميثاق الأمم المتحدة :
نص ميثاق الأمم المتحدة على مبدأ منع التمييز في مواد عديدة :
- ففي الفقرة الثانية من الديباجة تعرب شعوب الأمم المتحدة عن عزمها على أن
" تؤكد من جديد إيمانها بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية "([48]) .
- وتنص الفقرة الثالثة من المادة الأولي على أن أحد مقاصد الأمم المتحدة " تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ... " .

- وتنص الفقرة الأولي (ب) من المادة الثالثة عشر على أن تنشئ الجمعية العامة دراسات وتشير بتوصيات بقصد " إنماء التعاون الدولي في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية ، والمساعدة في تحقيق حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة بلا تمييز بينهم بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين " .
- وتنص المادة الخامسة والخمسون (ج) على أن الأمم المتحدة رغبة منها في تهيئة ظروف الاستقرار والرفاهية تعمل على " إشاعة احترام ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين " .
- وتنص المادة السادسة والسبعون على أن أحد الأهداف الأساسية لنظام الوصاية الدولي " التشجيع على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين ... ".


ثانياً : النص على منع التمييز في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :

نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( 10 ديسمبر 1948 ) على مبدأ المساواة وعدم التمييز في ثلاث مواد :
- فتنص المادة الأولي " يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء " .
- وتنص المادة الثانية " لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان ، دونما تمييز من أي نوع ولا سيما التمييز بسبب العنصر ، أو اللون ، أو الجنس ، أو اللغة " .

- وتنص المادة السابعة " الناس جميعاً سواء أمام القانون "([49]) .


المبحث الثاني
اتفاقية اليونسكو لمنع التمييز في مجال التعليم


صدق المؤتمر العام لليونسكو ( منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) في 14 ديسمبر 1960 على اتفاقية اليونسكو لمنع التمييز في مجال التعليم ، وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 22 مايو 1962 ، والاتفاقية ذات أهمية بالنسبة للأقليات من حيث كونها تتعامل مع أكثر الوسائل العامة – أي التعليم – أهمية في الحفاظ على هوية الجماعة ؛ فالتعليم يكون أساسياً للحفاظ على أية ثقافة ، ومن ثم تري الأقلية أن الحق في الحفاظ على مؤسساتها التعليمية أمر ضروري لحفظ الذات([50]) .
تحظر اتفاقية اليونسكو لمنع التمييز في مجال تعليم أية تفرقة أو استثناء أو تقييد أو أفضلية تكون مؤسسة على العنصر أو اللون أو النوع أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر ، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الظروف الاقتصادية أو الميلاد ينشأ عنها إلغاء المساواة في المعاملة في مجال التعليم أو الإخلال بها([51]) .
وتنص المادة 1/1 من الاتفاقية على أنه لا يجوز :
( أ ) حرمان أي شخص أو جماعة من الأشخاص من الالتحاق بأي نوع من أنواع التعليم أو في أي مستوي .
(ب) تقييد أي شخص أو جماعة من الأشخاص بنوع معين من التعليم أدني مستوي من سائر أنواع التعليم الأخرى .
(ج) إقامة أو الاحتفاظ بأنظمة أو مؤسسات تعليمية منفصلة لأشخاص أو لجماعة من الأشخاص ، غير تلك التي تجيزها أحكام المادة الثانية من هذه الاتفاقية .
(د) معاقبة أي شخص أو جماعة من الأشخاص بظروف تكون غير متمشية مع كرامة الإنسان .
وبموجب هذه الاتفاقية تعهدت الدول الأطراف بإلغاء أي قوانين أو تعليمات إدارية وعدم الاستمرار فيما قد يكون قد جري عليه العمل ويعد من قبيل التمييز في التعليم أو في قبول التلاميذ في المعاهد العلمية ، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لجعل التعليم متاحاً للجميع دون تفرقة([52]) .
وبموجب هذه الاتفاقية تعهدت الأطراف المعنية أن تقدم تقارير دورية عن الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها لوضع الاتفاقية موضع التنفيذ . وفي سنة 1962 أقر المؤتمر العام لليونسكو بروتوكولاً تضمن إنشاء لجنة التوفيق والمساعي الحميدة تقوم بعمليات تحت إشراف منظمة اليونسكو ومهمتها تسوية الخلافات التي تنشأ بين الدول الأطراف حول ادعاء انتهاك نصوص اتفاقية منع التفرقة في التعليم([53]) .
وطبقاً للمادة الثانية من الاتفاقية فإنه يجوز للأقليات إنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية الخاصة بها والمستقلة عن المدارس والمؤسسات الحكومية ، ويشترط في التعليم الخاص بالأقليات ألا يؤدى إلى عزل أفراد الأقلية عن بقية أفراد المجتمع ، وإنما يجب أن يهدف التعليم الخاص بالأقليات إلى تحقيق التكامل بين أفراد الأقلية والأغلبية من خلال تفهم كل منهما لثقافة ولغة الآخر .
ويشترط في التعليم الخاص بالأقليات أن يكون متوافقاً مع السياسة التعليمية للدولة، وألا يكون أقل من المستوي العام الموضوع  أو المصدق عليه من قبل السلطات المختصة .
وتتعهد الدول الأطراف بمقتضى المادة السابعة من الاتفاقية بأن تضمن تقاريرها الدورية لليونسكو معلومات عن الخطوات التي اتخذتها لتطبيق الاتفاقية ، الأمر الذي يعد ميزة أخرى تضيفها الاتفاقية إلى الحماية الدولية لحقوق الأقليات([54]) .


المبحث الثالث
الاتفاقية الدولية للقضاء على
جميع أشكال التمييز العنصري


هي الاتفاقية الصادرة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2106
بتاريخ 21/12/1965 ودخلت حيز التنفيذ في 4 يناير عام 1969([55]) .

التمييز العنصري :
وبموجب هذه الاتفاقية عرف التمييز العنصري بأنه " كل تمييز أو استثناء أو تغيير أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الجنس ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة ، في الميدان السياسي أو الميدان الاقتصادي أو الميدان الاجتماعي أو الميدان الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة([56]) .
ولقد جاءت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري سنة 1965 كخطوة هامة في مجال نشاط الأمم المتحدة لتطوير وتشجيع الاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بدون تمييز بسبب الجنس أو العنصر أو اللغة أو الدين أو المعتقد السياسي أو لأي سبب آخر([57]) .

الأفعال المؤثمة وفقاً للاتفاقية([58]) :
والأفعال التي تدخل في نطاق تأثيم هذه الجريمة .. فقد حددتها المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والعقاب عليها المؤرخة في 30 نوفمبر 1973 بقولها أن " جريمة الفصل العنصري تشمل الأفعال اللانسانية التي ترتكب بغرض إقامة وإدامة هيمنة فئة عنصرية ما من البشر على أية فئة عنصرية أخرى من البشر واضطهادها إياها بصورة منهجية

وتتمثل هذه الأفعال في السياسات والممارسات التالية :
( أ ) حرمان عضو أو أعضاء في فئة من فئات عنصرية من الحق في الحياة والحرية الشخصية :
1-    بقتل أعضاء في فئة أو فئات عنصرية .
2-    بإلحاق أذى خطير بدني أو عقلي بأعضاء  في فئة أو فئات عنصرية أو بالتعدي على حريتهم أو كرامتهم ، أو بإخضاعهم للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو الحاطة بالكرامة .
3-    بتوقيف أعضاء فئة أو فئات عنصرية تعسفاً وسجنهم بصورة غير قانونية.
(ب) إخضاع فئة أو فئات عنصرية عمداً لظروف معيشية يقصد منها أن تقضي بها إلى الهلاك الجسدي كلياً أو جزئياً .
(ج) اتخاذ أي تدابير تشريعية وغير تشريعية يقصد بها منع فئة أو فئات عنصرية من المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلد ، وتعمد خلق ظروف تحول دون النماء التام لهذه الفئة أو الفئات ، وخاصة بحرمان أعضاء فئة أو فئات عنصرية من حريات الإنسان وحقوقه الأساسية ، بما في ذلك الحق في العمل ، والحق في تشكيل نقابات معترف بها ، والحق في التعليم ، والحق في مغادرة الوطن والعودة إليه ، والحق في حمل الجنسية ، والحق في حرية التنقل والإقامة ، والحق في حرية الرأي والتعبير ، والحق في حرية الاجتماع وتشكيل الجمعيات سلمياً .
(د) اتخاذ أي تدابير ، بما فيها التدابير التشريعية ، تهدف إلى تقسيم السكان وفق معايير عنصرية بخلق محتجزات ومعازل مفصوله لأعضاء فئة أو فئات عنصرية، وبحظر التزاوج فيما بين الأشخاص المنتسبين إلى فئات عنصرية مختلفة ، ونزع ملكية العقارات المملوكة لفئة أو فئات عنصرية أو لأفراد منها .
(ه ) استغلال عمل أعضاء فئة أو فئات عنصرية ولا سيما بإخضاعهم للعمل القصري .
( و ) اضطهاد المنظمات والأشخاص بحرمانهم من الحقوق والحريات الأساسية ، لمعارضتهم للفصل العنصري .

ما يميز الاتفاقية :

أهم ما يميز هذه الاتفاقية أنه لم تحدد نفسها بأي مجال معين مثل الاستخدام أو التعليم ولكنها تحرم التفرقة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية في جميع مجالات الحياة العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية([59]) .


تعهدات الدول الأطراف في الاتفاقية :

تعهدت بان تنتهج بكل الوسائل المناسبة ودون أي تأخير ، سياسة القضاء على التمييز العنصري بجميع أشكاله وتعزيز التفاهم بين جميع الأجناس ، وفي سبيل تحقيق ذلك تعهدت الدول الأطراف بعدم إتيان أي عمل أو ممارسة تنطوي على أي نوع من أنواع التمييز العنصري ضد الأشخاص أو جماعات الأشخاص أو المؤسسات ، وبتأمين تقيد جميع السلطات العامة والمؤسسات العامة والقومية والمحلية بهذا الالتزام([60]) .

كما تعهدت كل دولة بمراعاة اتخاذ التدابير الفعالة اللازمة لإعادة النظر في السياسات الحكومية القومية والمحلية وتعديل أو إلغاء أو إبطال أية قوانين أو أنظمة تؤدى إلى خلق التمييز العنصري أو إلى استمراره حيثما يكون قائماً .
كما تشجب الدول الأطراف بصفة خاصة الفصل والتمييز العنصري ، وتتعهد بمنع وحظر وإزالة كل الممارسات المماثلة في الأقاليم الداخلة في ولايتها([61]) .
وقد اعتبرت الاتفاقية كل نشر للأفكار القائمة على التفريق العنصري أو الكراهية العنصرية وكل تحريض على التمييز العنصري ، وكل عمل من أعمال العنف أو التحريض على هذه الأعمال يرتكب ضد أي جماعة عرقية أو أية جماعة من أي لون أو أصل جنسي آخر ، وكذلك مساعدة النشاطات العنصرية بما في ذلك تمويلها ، جريمة يعاقب عليها القانون ، كذلك أعلنت الأطراف عدم شرعية المنظمات ، وكذلك النشاطات الدعائية المنظمة وسائر النشاطات الدعائية الأخرى، التي تقوم بتعزيز التمييز العنصري أو التحريض عليه ، وحظر هذه المنظمات والنشاطات ، واعتبار الاشتراك في أي منها جريمة يعاقب عليها القانون ، وعدم السماح للسلطات العامة أو المؤسسات العامة ، القومية أو المحلية ، بتعزيز التمييز العنصري أو التحريض عليه([62]) .

وبموجب هذه الاتفاقية فقد أنشئت لجنة تسمي " لجنة القضاء على التمييز العنصري " تشكلت من 18 خبيراً تنتخبهم الدول الأطراف من بين مواطنيها ، وتكون عضويتهم في اللجنة بصفتهم الشخصية لا كممثلين لدولهم ، واختصاصات هذه اللجنة مماثلة لاختصاصات لجنة حقوق الإنسان المشكلة طبقاً للاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية والسابق الإشارة إليها ، ومجرد الانضمام لهذه الاتفاقية يجيز لكل دولة طرف لفت نظر اللجنة إلى أي انتهاك تراه من أي دولة أخرى من الدول الأطراف في أعمال أحكام هذه الاتفاقية([63]) .




وتتضمن الاتفاقية أيضاً تعيين " لجنة توفيق " خاصة وعند نشوء أي نزاع بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف بشأن تفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها وتتعذر سبل تسوية هذا النزاع عن طريق المفاوضة أو الإجراءات التي حددتها هذه الاتفاقية ، فقد نصت الاتفاقية على إحالة هذا النزاع – بناء على رغبة أي طرف من أطرافه – إلى محكمة العدل الدولية للفصل فيه ، ما لم يتفق الأطراف المتنازعون على طرق أخرى لتسوية نزاعهم ، كما يجوز لأي دولة طرف في الاتفاقية أن تعلن ، في أي وقت ، من الأوقات موافقتها على اختصاص اللجنة في تلقي ونظر الرسائل والتبليغات المقدمة من الأفراد أو جماعات الأفراد الداخلين في ولاية هذه الدولة الطرف والذين يدعون أنهم ضحايا أي انتهاك من جانبها لأي حق من الحقوق المقررة في هذه الاتفاقية وذلك بشروط خاصة حددتها الاتفاقية([64]).


المبحث الرابع
العمل التشجيعي


تعريف العمل التشجيعي :

المقصود بالعمل التشجيعي أنه عند التمييز ضد جماعة معينة ينشأ مناخاً اجتماعياً ضدها فإنه من الممكن اللجوء إلى اتخاذ عمل تشجيعي لتعويض الجماعة عن التمييز السابق ضدها ؛ فعادة هذه الأعمال التشجيعية تهدف إلى تشجيع أعضاء جماعة ميز ضدها في السابق ، والمقصود بها تعويض الجماعة عن التمييز السابق ضدها([65]) .

والأقليات قد تعرضت في الماضي لانتهاك جسيم لحقوقها وحرياتها الأساسية مثل الجماعات ذات الأصول الأفريقية في الولايات المتحدة الأمريكية ، الأمر الذي يؤدى إلى أن تكون هذه الجماعات متخلفة عن بقية الأفراد في المجتمع ، في الميادين الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية وغيرها ، ففي هذه الحالات يجيز الإعلان العالمي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ، وكذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري أن تتخذ بعض الأعمال التشجيعية بهدف إعادة تأهيل هذه الجماعات إلى ممارسة كامل حقوقها وحرياتها في المجتمع([66]) .

ولقد نصت المادة 2/3 من إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على ما يلي " تتخذ تدابير خاصة – في الظروف المناسبة – بهدف تقديم التنمية أو الحماية المناسبة للأفراد المنتمين لبعض الجماعات العرقية وذلك بغرض ضمان التمتع الكامل لهؤلاء الأفراد بحقوق الإنسان والحريات الأساسية ، ولا يجوز أن  تؤدى هذه التدابير – تحت أي ظرف – إلى نشأة أي حقوق غير متساوية أو منفصلة للجماعات العرقية المختلفة " .

أيضاً فقد نصت الفقرة الرابعة من المادة الأولي من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على ما يلي :
" لا تعتبر من قبيل التمييز العنصري أية تدابير خاصة يكون الغرض الوحيد من اتخاذها ضمان التقدم المناسب لبعض الجماعات العرقية أو الاثنية أو لبعض الأفراد المحتاجين للحماية والتي قد تكون – أي هذه التدابير – ضرورية لكي تضمن لهذه الجماعات أو الأفراد المساواة في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو في ممارستها ، وذلك بشرط ألا تؤدى هذه التدابير إلى الحفاظ على حقوق منفصلة لجماعات عرقية مختلفة وألا تستمر بعد تحقق أغراضها التي اتخذت من أجلها .

ولقد كمل النص المتقدم نص الفقرة الثانية من المادة الثانية التي تمثل تفصيلاً للالتزامات التي تتعهد بها الدول الأطراف في الاتفاقية ، والتي تنص على ما يلي " تقوم الدول الأطراف ، عندما تقتضي الظروف ذلك ، باتخاذ تدابير خاصة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها لضمان التنمية والحماية المناسبتين لبعض الجماعات العرقية وللأفراد المنتمين لهذه الجماعات ، وذلك بغرض أن تضمن لهم التمتع الكامل والمتساوي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية . ولا يجوز أن تؤدى هذه التدابير إلى الحفاظ على حقوق غير متساوية أو منفصلة للجماعات العرقية المختلفة بعد إنجاز الأغراض التي من أجلها أتخذت"
وتتطلب الاتفاقية أن تتوقف هذه التدابير بمجرد أن يتحقق الهدف منها([67]) .


الفصل الثالث
الحق في تحديد الهوية والحق في تقرير المصير



سوف نعرض في هذا الفصل لحقي تحديد الهوية وتقرير المصير نعرض لهما في أربع مباحث :

-       نعرض في المبحث الأول : للحق في تحديد الهوية .
-       ونعرض في المبحث الثاني : لمضمون الحق في تقرير المصير .
-       ونعرض في المبحث الثالث : للأقليات والحق في تقرير المصير في ظل عصبة الأمم المتحدة .
-       ونعرض في المبحث الرابع : للأقليات والحق في تقرير المصير في ظل الأمم المتحدة .





















المبحث الأول
الحق في تحديد الهوية



تعريف الحق في تحديد الهوية

يقصد بالحق في تحديد الهوية حق الأقلية في أن تتحد ذاتيتها من خلال خصائصها المميزة لها ، وهذا يتضمن حقها في تنمية هذه الخصائص والتي بدونها لا يكون للأقلية أية هوية أو ذاتية تميزها عن بقية المجتمع([68]) .

ولقد نص على هذا الحق في المادة السابعة والعشرين من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، والتي تنص على ما يلي :
" في الدول التي توجد بها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية ، الأشخاص المنتمون لهذه الأقليات لن ينكر لهم الحق ، بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم ، في أن يتمتعوا بثقافتهم ، أو في أن يعلنوا عن دينهم ويمارسوه ، أو في أن يستخدموا لغتهم " .
وتشكل هذه المادة وحدها الأساس القانوني الذي يمكن لأفراد الأقلية الاعتماد عليه للمطالبة بحقهم في حماية خصائصهم وتنميتها([69]) .

حقوق الأقليات طبقاً للمادة 27([70]) :
( أ ) حق الأقلية في التمتع بثقافتها .
(ب) حق الأقلية في الإعلان عن دينها وممارسته .
(ج) حق الأقلية في استخدام لغتها .

( أ ) حق الأقلية في التمتع بثقافتها :
نصت المادة 27 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على حق الأقلية في أن تتمتع بثقافتها ، وتنص أيضاً المادة 15 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ما يلي :
1. تقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن من حق كل فرد :
-                   أن يشارك في الحياة الثقافية .
-                   أن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وتطبيقاته .
-                   أن يستفيد من حماية المصالح المعنوية والمادية الناجمة عن أي أثر علمي أو فني أو أدبي من صنعه .
2. تراعي الدول الأطراف في هذا العهد ، في التدابير التي ستتخذها بغية ضمان الممارسة الكاملة لهذا الحق ، أن تشمل تلك التدابير التي تتطلبها صيانة العلم والثقافة وإنماؤهما وإشاعتهما .
3. تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام الحرية التي لا غني عنها للبحث العلمي والنشاط الإبداعي .
4. تقر الدول الأطراف في هذا العهد بالفوائد التي تجني من تشجيع وإنماء الاتصال والتعاون الدوليين في ميداني العلم والثقافة .
لذلك يكون للأقلية حقاً أصيلاً في أن تحافظ على أعرافها وعاداتها وتراثها الثقافي، وحقها في إنشاء المؤسسات الثقافية (كالمسارح والمتاحف) والتعليمية (كالمدارس)، وحقها في إصدار الكتب والنشرات بهدف التنمية الثقافية لأفرادها ، وكذلك الحق في أن يحترم الآخرون ثقافتها([71]) .

ب) حق الأقلية في الإعلان عن دينها وممارسته :
نصت المادة 27 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على حق الأقلية في الإعلان عن دينها وممارسته([72]) .
كذلك تنص المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن " لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين ، ويشمل هذا حريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم ، بمفرده أو مع جماعة ، وأمام الملأ أو على حده " .

(ج) حق الأقلية في استخدام لغتها :
نصت المادة 27 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على حق الأقلية في استخدام لغتها([73]) .
ويترتب على تقرير هذا الحق أن يكون للأقلية الحق في التحدث بلغتها سواء في الحياة العامة أم الخاصة ، كذلك لها حق إنشاء المدارس ودور النشر وإصدار الصحف بلغتها ، وكذلك استخدام لغتها في الصحافة والراديو والتليفزيون ، وفي الأسماء الجغرافية للأماكن([74]) .

هذه الحقوق على أرض الواقع بالوسائل الآتية :
حيث تنص المادة الثانية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على ما يلي :
1- تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه ، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها دون أي تمييز .
2- تتعهد كل دولة طرف في هذه الاتفاقية ، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلاً إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد ، بأن تتخذ طبقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد ما يكون ضرورياً لهذه الأعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية " .

وطبقاً للمادة 27 من الاتفاقية فإن الدول ملتزمة بوضع تدابير تسهل تمتع الأقليات بحقوقها الواردة في المادة 27 ؛ فالدول مطالبة بألا تتدخل بأي قانون يعوق حق الأقلية في ممارسة دينها أو ثقافتها أو لغتها وكذلك مطالبة بتوفير الظروف التي تؤدى إلى جعل ممارسة هذه الحقوق في استطاعة جميع أفراد الأقلية ، كذلك تلتزم الدول – طبقاً للمادة 27 – بأن تحترم إرادة أعضاء الأقليات في الحفاظ على خصائصهم الإثنية أو اللغوية أو الدينية ، وعدم ممارسة أية سياسة تهدف إلى استيعاب الأقلية بالقوة([75]) .


المبحث الثاني
مضمون الحق في تقرير المصير

يعني الحق في تقرير المصير أن يكون لكل شعب السلطة العليا في تقرير مصيره دون أي تدخل أجنبي([76]) .
ويعرف حق تقرير المصير – أيضاً – بأنه حق الشعب في أن يحكم نفسه بنفسه وفي أن يواصل تنميته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بدون أي تدخل اجنبي . ويضمن هذا الحق لأفراد الأقليات التمتع ببقية الحقوق ، فهو شرط أساسي وضروري لتمتع هؤلاء الأفراد بحقوق الإنسان الأساسية([77]) .
ويتفق الثقات من خبراء القانون الدولي عموماً على أن تقرير المصير حق قانوني في القانون الدولي الوضعي ، وهكذا فإنه ليس من اختصاص القانون الداخلي لدولة ما ، بل أنه شأن عالمي ودولي([78]) .
ويلاحظ أن هناك فارقاً بين حق تقرير المصير ، وحقوق الإنسان " من حيث أن حقوق الإنسان هي حقوق فردية وأن احترامها موجه إلى الأفراد كأفراد ، بينما الحق في تقرير المصير حق جماعي وينطبق على الجماعة "([79]) .
ولحق تقرير المصير مظهران ، مظهر داخلي وآخر خارجي .
ويعني المظهر الداخلي حق الشعب في أن يختار بحرية نظامه السياسي وأن يواصل تنميته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وأن يحكم نفسه بالطريقة التي يراها مناسبة له وبدون تدخل خارجي ؛ ويعني بالمظهر الخارجي استقلال الشعب وسيادته على جميع موارده وثرواته ووجوب احترام الدول الأخرى لاستقلاله وسيادته([80]) .
ويقصد بالشعب الذي له حق تقرير المصير هو جماعة بشرية – يرتبط أعضاؤها ببعضهم عن طريق ثقافة وتاريخ وتقاليد واحدة – ترتبط تاريخياً بإقليم أو منطقة جغرافية معينة ، والتي في غياب أية سيطرة أو هيمنة أجنبية يمكن أن تشكل دولة كاملة الاستقلال وذات سيادة تامة([81]) .
خصائص الحق في تقرير المصير :
( أ ) الحق في تقرير المصير هو أحد الحقوق الأساسية في حقوق الإنسان بل هو بمثابة حجر الزاوية بالنسبة لها .
(ب) حق تقرير المصير حق جماعي وليس حقاً فردياً ولكنه بالرغم من ذلك يمس الفرد وحقوقه فلا يتصور ممارسة الحقوق الفردية دون تحقيق الحق الجماعي لتقرير المصير ، لهذا فإن انتهاك تقرير المصير كما هو انتهاك للسلم والأمن الدوليين فإنه انتهاك لحقوق الفرد وحرياته الأساسية([82]) .
(ج) حق تقرير المصير قاعدة قانونية ملزمة تواتر النص عليها في الوثائق العالمية والدولية وطبقها المجتمع الدولي في مناسبات عديدة .
أهداف الحق في تقرير المصير([83]) :
( أ ) هدف ممارسة حق تقرير المصير هو حصول الشعوب على الاستقلال الكامل؛  لهذا ارتبط هذا الحق بمناهضة الاستعمار ومحاربة جميع أشكاله ومظاهره .
(ب) ولا يهدف تقرير المصير إلى حصول الشعوب المستعمرة على استقلالها فحسب ولكنه يهدف أيضاً إلى المحافظة على هذا الاستقلال القائم على الإرادة الحقيقية والحرة للشعب .
(ج) وأخيراً تهدف ممارسة حق تقرير المصير إلى السيادة الكاملة للشعب على موارده وثرواته وحقه في مواصلة تنميته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .


المبحث الثالث
الأقليات والحق في تقرير المصير
في ظل عصبة الأمم


العلاقة بين الأقليات وتقرير المصير في ظل عصبة الأمم :

عملت العصبة على تنظيم العلاقة بين الأقليات وتقرير المصير من خلال التعديلات الإقليمية التي أقرها مؤتمر السلام فقد تمت إلى حد ما بالنظر إلى تقرير المصير من خلال الاستفتاءات كوسيلة لتحديد الرغبات السياسية للسكان ، ولقد قلل هذا الأمر من مشكلة الأقليات في هذه الدول([84]) .

وبالنسبة للأقليات الموجودة في بعض الدول ، فقد عقدت معاهدات لحمايتها وضمان تمتعها بحقوقها تحت إشراف العصبة حيث كان من حق مجلس العصبة التدخل في حالة أي انتهاك للمعاهدات ، كذلك كان لمحكمة العدل الدولية الدائمة اختصاص إلزامي في المسائل المتعلقة بالأقليات ، كما سمح للأقليات بحق تقديم الشكاوى ، وأنشأت العصبة لجنة للأقليات للتعامل مع هذه الشكاوى وكان الغرض من نظام حماية الأقليات هو التقليل من الشعور الانفصالي لدي بعض الأقليات بمقابلة مطالبها الشرعية بالقبول([85]) .

ولقد عبرت عصبة الأمم عن رأيها برفض تقرير المصير بمفهوم الانفصال كحل لمشكلة الأقليات وذلك في القضية التي دارت حول جزر الآند Islands Aaland فلقد كانت هذه الجزر تابعة لفنلندا ، إلا أن ممثلي هذه الجزر قدموا طلباً بالضم للسويد في مؤتمر السلام بباريس – 1919 – على أساس حق تقرير المصير كما نادي به الرئيس ويلسون ، واقترحت السويد أن يعطي سكان الجزر فرصة التعبير عن إرادتهم واختيارهم من خلال استفتاء عام ، إلا أن فنلندا عارضت هذا الأمر على أساس أنه يدخل في اختصاصها الداخلي وإزاء ذلك أحالت العصبة المشكلة إلى لجنة دولية من القانونيين لإعطاء الرأي في النقاط القانونية للمشكلة([86]) .
وأبدت اللجنة رأيها بأنه على الرغم من غياب نصوص واضحة حول حق تقرير المصير في المعاهدات الدولية إلا أن هذا الحق هو صفة جوهرية مميزة لسيادة كل دولة ، ولا يعترف القانون الدولي بحق الجماعات القومية في أن تفصل نفسها عن الدولة التي تكون هذه الجماعات جزءاً منها([87]) .

وفي تقرير تال مقدم لمجلس العصبة حول المشكلة نفسها كانت لجنة المقررين أكثر وضوحاً في رفضها لفكرة حق انفصال الأقليات عن دولها ، فقررت أن :
التسليم للأقليات سواء اللغوية أو الدينية أو لأي جماعات من السكان بالحق في الانفصال عن الجماعة التي ينتمون إليها بسبب رغبتهم أو سرورهم بذلك سوف يحطم النظام والاستقرار داخل الدول وسيؤدى إلى الفوضي في الحياة الدولية([88]) .
ومشكلة القوميات والأقليات لم يقع حلها ، فكان من اللازم إحداث نظام يضمن لهذه الأقليات حقوقها تحت رعاية عصبة الأمم ، ومن جملة الوسائل المستعملة لضمان الوحدة القومية داخل حدود الدولة القائمة تبادل السكان ويفهم من ذلك تبادل الأقليات بين بلدين متجاورين ، وذلك للتخفيف من حدة المشكلة القائمة لأن المشكلة لا يقع حلها نهائياً كما دلت على ذلك التجارب في هذا الميدان ، وهكذا فبعد الحرب التركية اليونانية عام 1921 اتفقت الحكومتان على تبادل الأقليات فنزح إلى تركيا عشرات الآلاف من الأتراك الذين كانوا في اليونان ورحل عن تركيا مئات الآلاف من اليونانيين واستقروا في اليونان ، كم أن من جملة الوسائل المستعملة تنظيم الاستفتاء في المناطق المتنازع في شأنها فيطلب سكان المنطقة إلى أي دولة يريدون الانضمام ويعتمد على رأي الأغلبية في تقرير مصير سكان تلك المنطقة([89]) .


المبحث الرابع
الأقلية والحق في تقرير المصير
في ظل الأمم المتحدة


مع إنشاء الأمم المتحدة عام 1945 ، ورد ذكر مبدأ تقرير المصير في ميثاقها مرتين : إحداهما في الفقرة الثانية من المادة الأولي وهي الخاصة بأهداف الأمم المتحدة ، والتي تجعل من أهم أسس تطوير العلاقات الدولية " إنماء العلاقات الودية بين الأمم " على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها([90]) .

ولقد اعتبر ميثاق الأمم المتحدة مبدأ تقرير المصير واحداً من بين عدة وسائل ممكنة لتقوية السلام بين الدول ؛ فتنص الفقرة الثانية من المادة الأولي على أن أحد مقاصد الأمم المتحدة " تنمية العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وأن يكون لكل منها تقرير مصيرها... "([91]) .

والإشارة الأخرى وردت في مجال استعراض أسس التعاون الدولي الاقتصادي والاجتماعي ، حيث نصت المادة 55 على أنه " رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة ودية بين الأمم مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها ، تعمل الأمم المتحدة على :
1-    تحقيق مستوي أعلى للمعيشة وتوفير أسباب الاستخدام المتصل لكل فرد والنهوض بعوامل التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي .
2-    تيسير الحلول للمشاكل الدولية الاقتصادية والاجتماعية والصحية وما يتصل بها ، وتعزيز التعاون الدولي في أمور الثقافة والتعليم .
3-    أن يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ، ولا تفريق بين الرجال والنساء ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعلاً([92]) .

وأمكن للأمم المتحدة أن تبرم اتفاقيتين في مجال حقوق الإنسان كان لهما أثراً كبيراً في إرساء الدعائم القانونية لمبدأ تقرير المصير ، حيث إقرار الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الملحق بها والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في 16 ديسمبر سنة 1966([93]) .
والحق في تقرير المصير يعد اليوم من الحقوق الأساسية للشعوب ، فهو الشرط الأساسي الأول لكافة الحقوق الإنسانية الأخرى ، إذ بدون هذا الحق لا يمكن للجماعات ولا للأفراد أن تمارس حريتها([94]) .
والحق في تقرير المصير بفضل جهود الأمم المتحدة المخلصة ، قد وصل إلى مرتبة الحق القانوني الدولي الذي يستند إلى ميثاق الأمم المتحدة ، وقرارات جمعيتها العامة ، والمواثيق الدولية العديدة التي تبنتها ، بالإضافة إلى الممارسة العملية الفعالة لهذا الحق خلال ما يزيد عن أربعين عاماً من عمر الأمم المتحدة([95]).

والأقلية والحق في تقرير المصير وإن كانت تضم بعض الدول بين سكانها أقليات، وتنادي بعض هذه الأقليات بحقها في تقرير المصير بمفهوم انفصالها عن الدولة الأم وتشكيلها لدولة جديدة مستقلة ، فهل للأقليات الحق في أن تفصل نفسها عن دولها ؟ وللإجابة على ذلك :

ففي ضوء ميثاق الأمم المتحدة :
عندما ذكر ميثاق الأمم المتحدة حق الشعوب في تقرير مصيرها لم يكن يقصد إعطاء هذا الحق للأقليات بمفهوم انفصالها عن الدولة الأم وتكوين دولة مستقلة ، فمشكلة الأقليات لم تبحث عند إعداد الميثاق ولم تكن محل نقاش ونظر من جانب الدول عند وضع الميثاق .

وجاء إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة 1960 :

ويؤكد في الفقرة السادسة من إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة
(1960) على أن " كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة الإقليمية والسلامة الإقليمية لبلد ما تكون متنافية ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها " .
وأكدت الدول عند وضع المادة الأولي من اتفاقيتي حقوق الإنسان ( العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) والتي تنص على تقرير المصير على ضرورة ألا يحدث خلط بين حق تقرير المصير وحقوق الأقليات وأن حق تقرير المصير يجب ألا يمارس على نحو يحطم وحدة الأمة أو يقسمها وصيغت المادة 27 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تتحدث عن حقوق الأقليات على نحو لا يتعارض مع هذا المفهوم ولا يتضمن أي حق للأقلية في الانفصال .


الـخـاتـمـة

تحدثنا في هذا البحث عن الحقوق الخاصة للأقليات وهي الحق في الوجود ، وهو الذي يحميهم من جرائم الإبادة الجماعية التي قد ترتكب ضدهم باعتبارهم أعضاء في أقلية .

وكذلك لهم الحق في المساواة بينهم وبين باقي أفراد الشعب في مجال التعليم والمساواة ولهم الحق في عدم التمييز العنصري وهو ما تناولته الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ولهم الحق في تقرير الهوية ، والحق في تقرير المصير .

وخلصنا إلى أن التمييز عادتاً يقوم على أساس عضوية الجماعة وليس على أساس مؤهلات أو عيوب خاصة بالفرد . وينشأ التمييز عن التحيز ، أو البغض ، أو العداوة ، أو كره شخص ما تجاه شخص آخر بسبب أن الأخير ينتمي لجماعة معينة .

وللأقليات حق أصيل في ألا يميز ضدها ، فهم يستفيدون من نصوص عدم التمييز؛ فكمبدأ عام وأساسي أعضاء الأقليات تكون مخولة معاملة غير تميزية ؛ خصوصاً في مجال الحقوق والحريات المعترف بها في الوسائل الدولية لاتفاقات حقوق الإنسان .

ويهدف القانون الدولي عن طريق منع التمييز إلى تحقيق التكامل بين الأغلبية والأقلية في الدولة الواحدة . فإذا كانت سياسة التمييز ترمي إلى التفرقة بين المواطنين عن طريق جعل أفراد الأقلية في وضع سفلي في البناء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي للدولة ، فإن سياسة التكامل Integration تهدف إلى توحيد الجماعات المختلفة والمحافظة على هويتها الخاصة في وحدة واحدة ؛ فلا يوجد إصرار أو إلحاح على التماثل أو على القضاء على جميع الاختلافات بين الجماعات([96]) .
ولكن توجد حاجة ماسة لضرورة الاهتمام بمشكلة حماية حقوق الأقليات من جانب المجتمع الدولي من خلال وضع القواعد والضمانات الكفيلة بحماية حقوق الأقليات وممارسة الرقابة الدولية الفعالة على هذه الحماية ، فإنه في غياب هذه القواعد والضمانات ومع وجود عدد من الدول صغيرة المساحة وقليلة السكان بالأمم المتحدة فإن بعض الجماعات القومية ستجد نفسها مدفوعة لممارسة السياسات الانفصالية الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين ويؤدى إلى إشاعة الفوضي وعدم الاستقرار في المجتمع الدولي([97]) .

وحقوق الأقليات – السابق ذكرها – ليس مصدر الالتزام بها العرف الدولي ، وإنما جاء النص عليها في نصوص المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان ، وهذه الحقوق لا تجمعها اتفاقية دولية واحدة وهو الأمر الذي يجب القيام به من خلال إصدار الأمم المتحدة لاتفاقية دولية حول حقوق الأشخاص المنتمين لأقليات([98]) .


قائمة المراجع

(1)            د / أحمد محمد رفعت ، القانون الدولي العام ، دار النهضة العربية ، بدون سنة طباعة .
(2)            د / عبدالواحد محمد الفار ، الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها ، الطبعة الثانية 2007 ، الناشر دار النهضة العربية بالقاهرة .
(3)            د / غازي حسن صباريني ، الوجيز في مبادئ القانون الدولي ، الناشر مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع بعمان ، طبعة 1992 .
(4)            مصطفي سلامة حسين ، تطور القانون الدولي العام ، طبعة 1992 ، الناشر دار النهضة العربية .
(5)            د / وائل أحمد علام ، حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي العام ، طبعة 1994 ، الناشر دار النهضة العربية .

الرسائل :
(6)            د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامه ، المسئولية الدولية عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ، رسالة دكتوراه 2005 ، جامعة الإسكندرية .


الفهرس

المــوضـــوع
الصفحـة
المقدمة
3
الفصل الأول : الحق في الوجود
9
المبحث الأول : المقصود بالحق في الوجود
10
المبحث الثاني : اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها
12
المبحث الثالث : أركان جريمة الإبادة الجماعية
14
المبحث الرابع : الالتزامات القانونية طبقاً للاتفاقية
18
الفصل الثاني : الحق في منع التمييز
22
المبحث الأول : منع التمييز في القانون الدولي
23
المبحث الثاني : اتفاقية اليونسكو لمنع التمييز في مجال التعليم
26
المبحث الثالث : الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري
28
المبحث الرابع : العمل التشجيعي
33
الفصل الثالث : الحق في تحديد الهوية والحق في تقرير المصير
35
المبحث الأول : الحق في تحديد الهوية
36
المبحث الثاني : مضمون الحق في تقرير المصير
40
المبحث الثالث : الأقليات والحق في تقرير المصير في ظل عصبة الأمم
42
المبحث الرابع : الأقليات والحق في تقرير المصير في ظل الأمم المتحدة
44
الخاتمة
47
قائمة المراجع
49
الفهرس
50




([1]) د / وائل أحمد علام ، حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي العام ، طبعة 1994 ، صـ1 ، الناشر دار النهضة العربية .
([2]) د / وائل أحمد علام ، المربع السابق صـ3 .
([3]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ7 .
([4]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ8 .
([5]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ8 وما بعدها .
([6]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ9 .
([7]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ26 وما بعدها .
([8]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ28 .
([9]) د / غازى حسن صبار يني ، الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام ، طبعة 1992 ، الناشر مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان ، صـ107 .
([10]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ35 .
([11]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ3 .
([12]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ85 .
([13]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ86 .
([14]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ87 .
([15]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ90 .
([16]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ87 .
([17]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ91 وما بعدها .
([18]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ93 .
([19]) د / أحمد محمد رفعت ، القانون الدولي العام ، صـ268 .
([20]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامة ، المسئولية الدولية عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، رسالة دكتوراه 2005 ، جامعة الإسكندرية ، صـ21 وما بعدها .
([21]) د / عبدالواحد الفار ، مرجع سابق ، صـ309 وما بعدها .
([22]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ105 .
([23]) د / عبدالواحد محمد الفار ، مرجع سابق ، صـ307 وما بعدها .
([24]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامة ، مرجع سابق ، صـ65 .
([25]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامة ، مرجع سابق ، صـ128 .
([26]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامه ، مرجع سابق ، صـ9 وما بعدها .
([27]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ112 .
([28]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامة ، مرجع سابق ، صـ130 .
([29]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامة ، مرجع سابق ، صـ134 .
([30]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامه ، مرجع سابق ، صـ148 .
([31]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامه ، مرجع سابق ، صـ146 .
([32]) د / عبدالواحد محمد الفار ، الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها ، طبعة 2007 ، الناشر دار النهضة العربية ، القاهرة ، صـ305 وما بعدها .
([33]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامه ، مرجع سابق ، صـ358 .
([34]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامه ، مرجع سابق ، صـ363 .
([35]) د / عبدالواحد محمد الفار ، مرجع سابق ، صـ311 .
([36]) د / عبدالواحد محمد الفار ، مرجع سابق ، صـ309 وما بعدها .
([37]) د / عبدالواحد محمد الفار ، مرجع سابق ، صـ312 .
([38]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ117 .
([39]) د / عبدالواحد محمد الفار ، مرجع سابق ، صـ315 .
([40]) د / محمد أحمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ269 .
([41]) د / محمد أحمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ270 .
([42]) د / أيمن عبدالعزيز محمد سلامه ، مرجع سابق ، صـ366 وما بعدها .
([43]) د / عبدالواحد محمد الفار ، مرجع سابق ، صـ311 .
([44]) د / عبدالواحد محمد الفار ، مرجع سابق ، صـ318 وما بعدها .
([45]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ122 وما بعدها .
([46]) د / عبدالواحد محمد الفار ، مرجع سابق ، صـ318 .
([47]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ127 .
([48]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ127 وما بعدها .
([49]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ129 وما بعدها .
([50]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ132 وما بعدها .
([51]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ133 وما بعدها .
([52]) د / أحمد محمد رفعت ، القانون الدولي العام ، صـ272 .
([53]) د / أحمد محمد رفعت ، المرجع السابق ، صـ272 .
([54]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ136 وما بعدها .
([55]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ273 .
([56]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ273 .
([57]) د / عبدالواحد محمد الفار ، مرجع سابق ، صـ327 .
([58]) د / عبدالواحد محمد الفار ، مرجع سابق ، صـ333 وما بعدها .
([59]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ274 .
([60]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ274 .
([61]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ274 .
([62]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ275 .
([63]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ275 وما بعدها .
([64]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ276 .
([65]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ148 .
([66]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ144 وما بعدها .
([67]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ147 .
([68]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ151 .
([69]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ151 .
([70]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ156 .
([71]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ159 .
([72]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ160 .
([73]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ161 .
([74]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ162 . 
([75]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ181 .
([76]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ295 .
([77]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ182 .
([78]) د / مصطفي سلامه حسين ، تطور القانون الدولي العام ، الناشر دار النهضة العربية ، طبعة 1992 ، صـ190 .
([79]) د / مصطفي سلامه حسين ، مرجع سابق ، صـ190 .
([80]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ186 وما بعدها  .
([81]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ187 .
([82]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ188 .
([83]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ189 وما بعدها .
([84]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ192 وما بعدها .
([85]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ193  .
([86]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ193 وما بعدها .
([87]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ194 .
([88]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ194 .
([89]) د / غازى حسن صباريني ، الوجيز في مبادئ القانون الدولي ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان ، ط 1992 .
([90]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ299 .
([91]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ183 .
([92]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ300 .
([93]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ306 ، 307 .
([94]) د / أحمد محمد رفعت ، مرجع سابق ، صـ307 .
([95]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ197 وما بعدها .
([96]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ149 .
([97]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ203 .
([98]) د / وائل أحمد علام ، مرجع سابق ، صـ206 .